الحدود الشمالية

بعد الانتهاء من مشكلة المجلس التشريعي سوف نلقي الضوء على العلاقات الكويتية العراقي التي تشمل مشكلة الحدود الكويتي العراقي وكذلك المطالبة العراقية في الكويت.

فمن المعروف أن العلاقات البريطانية الكويتي يرجع تاريخها إلى عام 1759 فقد بدأت هذه العلاقات بين البلدين عندما افتتح المركز التجاري البريطاني في الكويت بعد إغلاق المركز التجاري البريطاني في البصرة .نتيجة هجوم قوات الدولة الصفويه على مدينة البصرة. لفد كان افتتاح هذا المركز بالكويت هي نقطة البداية للعلاقات السياسية بينهما.لفد أعقبت هذه الخطوة خطوات أخرى مهمة مثل التوقيع على اتفاقية في عام 1841م تنص على التعاون بفرض السلام في مياه الخليج كما تنص أيضا على محاربة تجارة الرقيق في هده المنطقة وهذه تعتبر أول اتفاقية سياسية تعقدها الكويت مع بريطانيا وهذه الاتفاقية كانت موجودة في الديوان الأمير ي قبل العدوان العراقي ولكن لا يعرف إذا كانت هذه الاتفاقية قد تلفت من قبل الغزاة العراقيين آم لا. وقد أعقبتها الاتفاقية الثانية التي وقعت عام 1899م وهي اتفاقية الحماية المشهورة التي وقعت في عهد الشيخ مبارك الصباح والتي يعرفها الجميع .

الاتفاقية البريطانية التركية لعام 1913:

تعتبر هذه الاتفاقية من أهم الاتفاقيات التي لها تأثير في تحديد الحدود الكويتية مع العراق فقد جرت مباحثات هذه الاتفاقية والتوقيع عليها عام 1913في العاصمة البريطانية (لندن)فقد حضر مباحثاتها ووقعها كل من إبراهيم حقي باشا السفير التركي في لندن عن الحكومة العثمانية والسير إدوارد جري وزير الخارجية البريطاني والسفير الألماني في لندن بصفة مراقب ولم توقع هذه الاتفاقية ألا بعد مباحثات عديدة استمرت اكثر من سنتين وتناولت العديد من المواضيع والمشاكل العالقة بين الحكومة البريطانية والحكومة التركية آنذاك مثل مناطق النفوذ في الخليج وخط سكك الحديد برلين بغداد الكويت والرسوم الجمركية ومشكلة شط العرب وغيرها من المشاكل الأخرى .

وتتكون هذه الاتفاقية من خمسة أقسام رئيسيه القسم الأول ويتعلق بالكويت والثاني خاص بالبحرين والثالث خاص بقطر والرابع خاص بوضع بريطانيا في الخليج والقسم الخامس يتعلق بتأليف لجنه مهمتها تحديد الحدود

ولن نبحث هنا الا الموضوع الخاص في الكويت فقط حيث تذكر هذه الاتفاقية نظام الحكم في الكويت والحدود السياسية لها. فقد نصت المادة الأولى من هذا الاتفاقية على أن الكويت قضاء عثماني مستقل استقلالا ذاتيا.

والمادة الثانية تنص على أن يرفع شيخ الكويت العلم الثماني ويكتب عليه كلمة كويت في أحد جوانبه كما أن شيخ الكويت له آن يمارس إدارة مستقلة في إمارته تحت السيادة العثمانية على آن لا تتدخل الدولة العثمانية في الشئون الداخلية للأمارة كما تمتنع عن استخدام القوه العسكرية في احتلال الكويت وكذلك تنص على مسألة وراثة الحكم في الكويت فتكتفي الدولة العثمانية بإصدار فرمان(مرسوم) ينص على من يخلف الشيخ ولكن لا تتدخل في اختياره ولا يحق لها تبديله.وان ترسل الحكومة العثمانية مبعوثا لرعاية مصالح رعاياها وكذلك شيخ الكويت يعين مبعوثين من قبله في المقاطعات العثمانية وذلك لرعاية مصالح الكويتيين كما تنص على عدم تجنيد الكويتيين الساكنين بالعراق في الجيش العثماني وعدم اخذ رسوم من صيادين السمك الكويتيين

المادة الثالثة تشير بحيويته المعاهدة التي وقعتها الكويت أو التي يمكن آن توقعها في المستقبل مع بريطانيا وتعهدت تركيا بعدم التوقيع على أية اتفاقيه مع الكويت مناقضة للاتفاقيات الموقعة مع بريطانيا وآلا تمس المصالح البريطانية في منطقة الخليج وان لا يوضع مستودع أسلحة تركية في الكويت أما المادة الخامسة والسابعة فهي تتعلق بالحدود وسوف نتحدث عنها بشيء من التفصيل لاحقا. أما المادة السادسة فتنص على حق شيخ الكويت ممارسة السيادة على القبائل التي تقع ضمن حدود إمارته والمادة الثامنة تتحدث عن سكة حديد بغداد والمادة التاسعة تؤكد على حقوق الشيخ مبارك في أملاكه بالبصرة .

الحدود حسب اتفاقية 1913

حدت هذه الاتفاقية وبالمادة الخامسة منها الحدود الأرضية الشمالية للكويت وجاء في الاتفاقية بان الحدود الكويتية مع العراق تكون كا الأتي: تبدأ الحدود من نقطة تقاطع وادي العوجا بوادي الباطن فيسير خط الحدود باتجاه الشمال من خط الباطن وفي خط مستقيم إلى جنوب قرية صفوان مباشرة تاركا قرية صفوان للواء البصرة ومنها شرقا فيمر خط الحدود بجنوب أبار صفوان تماما تاركا هذه الآبار للبصرة ويمر على جبل سنام ويترك الجبل للبصرة ثم قرية أم قصر تاركا القرية للبصرة ويستمر الخط في الاتجاه شرقا حتى النقط التي يلتق فيها خور عبد الله مع خور الزبير كما أشارت هذه المادة إلى الحدود البحرية وان الجزر هي للكويت مثل وربه وبوبيان مسكان فيلكا عوهه قاروه أم المرادم وأم النمل .

أما المادة السابعة من هذه الاتفاقية فقد تركزت حول الحدود الجنوبية فبعد التوقيع على هذه الاتفاقية من قبل الأطراف التي ذكرناها مباشرة وقبل التصديق عليها من قبل الحكومتين البريطانية و التركية قامت الحرب العالمية الأولى بين هاتين الدولتين فقد ألغت الحكومة البريطانية بدورها هذه الاتفاقية من جانبها نتيجة لقيام الحرب العالمية الأولى .ولكن نقاط الحدود الشمالية التي ذكرت في اتفاقيه1913 ظلت هي النقاط الأساسية التي رسمت بموجبها نقاط الحدود مع العراق والتي ارتكزت عليها اتفاقية عام 1923م والتي هي محور البحث هنا وضلت بنود اتفاقيه عام 1913 بشأن الكويت سارية المفعول إلى قبيل مؤتمر العقير في عام 1922م حيث طلبت الحكومة العراقية في ذلك الوقت من بريطانيا بأن تحدد موقفها وعلاقتها مع الكويت ومدى تأثير هذه العلاقات على مباحثات الحدود السعودية الكويتية وهل ينعكس ذلك على وضع الحدود مع العراق?

فردت الحكومة البريطانية بان علاقتها مع الكويت مبنية على اتفاقية 1899 وانه لن يحدث تغير يذكر على الحدود الشمالية يحسب لصالح الكويت .

اتفاقية عام 1923

بعد أن انتهى مؤتمر العقير حاولت الحكومة البريطانية ترضية الشيخ احمد الجابر وتطيب خاطره وإزالة المخاوف عنه من أن الحكومة البريطانية سوف تحاول أن تقتطع من الأراضي الكويتية وتضمها للعراق ولذلك فانه أستفسر من الوكيل السياسي بالكويت وهو (الميجر مور) عن ما تم بشأن الحدود مع العراق فطلب الوكيل السياسي من الشيخ أن يحدد في رسالة للحكومة البريطانية خط الحدود التي يراها صحيحه فأجاب الشيخ احمد في رسالة موجهه إلى الوكيل السياسي الميجر مور بتاريخ (1/4/1923) يقول فيها بان الحدود التي طلبها الشيخ سالم المبارك في رسالته الموجهة للوكيل السياسي بتاريخ 17/9/1920هي نفس الحدود التي ذكرت في اتفاقية 1913م المعقودة بين الحكومة البريطانية والحكومة العثمانية. فحول الوكيل السياسي هذه الرسالة إلى المندوب السامي البريطاني في بغداد. فرد المندوب السامي على هذه الرسالة بان الحكومة البريطانية تعترف بهذه الحدود والجزر التي أشار إليها الشيخ في رسالته وهي الحدود الرسمية لأراضي الكويت التي تعترف بها الحكومة البريطاني حيث أنها مطابقة تماما لاتفاقية 1913م وذلك حسب ما نصت عليه الوثيقة البريطانية المؤرخة 19/4/1923 والتي رقمها (F.O.371/8952 M -NO:32S)والتي هي رسالة المندوب السامي إلى الشيخ احمد الجابر.

لقد أكدت هذه الرسالة الحدود المبينة في اتفاقية 1913م وتعتبر هذه الرسالة هي أول توضيح رسمي بريطاني للحدود الكويتية العراقية بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة.

عندما قررت الحكومة البريطانية أن تمنح العراق الاستقلال ودخوله عصبة الأمم عام 1932م رأت بريطانيا أن مشكلة الحدود هذه يجب أن تحل وتحسم بصوره رسميه .لهذا فان الحكومة البريطانية اتخذت قرارا سريا بتاريخ 18/4/1932 ينص على أن تكون تسويه الحدود على صورة تبادل مذكرات بين الشيخ والحكومة العراقية وذلك منعا للشيخ في أن يتصرف في المسائل الخارجية ويتم تبادل المذكرات من رئيس الوزراء العراقي عن طريق المندوب السامي البريطاني إلى شيخ الكويت وهكذا من الشيخ إلى المندوب السامي إلى رئيس الوزراء العراقي وذلك حسب ما جاء في الوثيقة البريطانية رقم ()F.O.371/16010.

فعندما تحولت رسالة الشيخ احمد الجابر إلى رئيس الوزراء العراقي تمت مناقشها في مجلس الوزراء وقد أبدى هذا المجلس اعتراضه على بعض المراكز الحدودية كما هي العادة عندهم حيال مناقشة موضوع الحدود ولكن رئيس الوزراء العراقي أجاب على هذه الرسالة بكتاب بتاريخ 21/7/1932- حسب ما تذكر الوثيقة(F.O.371/18910) حيث تذكر هذه الوثيقة بأنه لم يبدي رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري باشا السعيد في رسالته هذه أية ملاحظات تذكر عن الحدود البرية ولكنه استفسر عن موقع مائي يقع في خور عبد الله يسمى (حليبه) حيث ذكر أن هذا الموقع هو موقع عراقي وانه دائما به مركز للشرطة العراقية منذ عام 1927م. وقد أبدى رئيس الوزراء العراقي تخوفه من أن هذه المراسلات قد تؤدي إلى تغير في مواقع الحدود الحالية ولكن المندوب السامي البريطاني طمأنه مؤكدا له بأنه ليست هناك نية إلى تغير في الحدود بين الكويت والعراق وعرض عليه خريطة الحدود لعام 1923 تبين أن موقع حليبه يقع ضمن الأراضي العراقية .كما تشير هده الاتفاقية أيضا بأنه في يوم 30/7/1932م تم إبلاغ الشيخ احمد الجابر بموافقة الحكومة البريطانية على التعريف الموضح للحدود القائمة بين العراق والكويت كما هي مفصله في كتاب رئيس الوزراء العراقي والتي هي مطابقة تماما للحدود التي ذكرت في اتفاقية 1913 .فرد الشيخ احمد بتاريخ 10/8/1932 بكتاب يشيد فيه بالجهود البريطانية بهذا الشأن ويوافق على وصف الحدود الكويتية العراقية كما أشار إليها رئيس الوزراء العراقي في كتابه هذا. وبذلك تكون مسألة الحدود قد استقرت بين الكويت والعراق وان التقاء الإراديتين كما تذكر هذه الوثيقة يشكل اتفاقا واضحا وصريحا ويعتبر اتفاقا دوليا يلزم الجانبين.

خط حدود اتفاق 1923

وعلى هذا الأساس تم رسم الخرائط للحدود بين الدولتين على النحو المبين أدناه والذي تم ذكره في كتاب رئيس الوزراء العراقي والذي وافقت عليه الحكومة البريطانية ويعرف بأنه ترسيم الحدود لعام 1932 والذي جاء على النحو التالي بهذا الاتفاق :

1 – يسير خط الحدود مع خط الثالوك في وادي الباطن (الثالوك يعني اعمق نقطه في الوادي)

2 – يسير خط الحدود بخط مستقيم شرقا من الباطن بخط مستقيم الجنوب آخر نخله تقع إلى أقصى جنوب صفوان بميل واحد عند أخر نخله وقد أشير إلى هذه النقطة بعلامة (X )

3 – يسير خط الحدود وبخط مستقيم من النقطة ( X) هذه الواقعة جنوب صفوان إلى النقطة التي يلتقي فيها خور عبد الله مع خور الزبير

4 – يسير خط الحدود مع الثالوك في خور عبد الله إلى البحر المفتوح

وجدت صعوبات في تطبيق هذه الحدود على الطبيعة فقد استبدلت عبارة أخر نخله إلى الاعتماد على خطوط العرض وكذلك استخدمت خطوط العرض في نقطة التقاء (خور الزبير وخور عبد الله أو بالتحديد خور شيطانه ) ترك نقط الماء الواطي كلها للعراق مما جعل خور الزبير بأكمله للعراق.

هذا ما جاء فعلا في ترسيم الحدود الأمر الذي وجدت فيه الحكومة العراقية حلا مرضيا لها بل أنها سعت عند السفير البريطاني في بغداد بالاتصال مع حكومته لإقرار هذه الحدود. هذا هو التحديد المعدل لاتفاقية 1920 والذي حدد باقتراح من العراق والذي عرف لاحقا بتعديل 1939 . سارت الأمور سيرا حسناً ولم يبقى ألا تطبيق الخرائط على الواقع ولكن هذا الأمر تأخر بسبب بعض الأمور الفنية والعائدة إلى نقص الخرائط البحرية والتي طلب من البحرية الملكية البريطانية أن ترسمها ولم ينتهي الرسم ألا بعد أن قام الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي والذي أثار موضوع الحدود مرة أخرى بسبب كثرة مشاكل التهريب التي ظهرت والتي تستدعي تطبيق خطوط الحدود بين البلدين حتى يمكن القضاء على مشكلة التهريب عندما يعرف كل بلد أين يضع مراكزه الحدودية .وفعلا قدمت دراسات حول كيفية وضع العلامات ونوع العلامات التي يجب أن توضع وقدمت الدراسات شاملة التكاليف لعملية الترسيم حيث قدرت هذه التكاليف بمبلغ خمسه وعشرون ألف روبيه هندية (العملة المستخدمة في ذلك الوقت) تكون مناصفة بين الحكومة العراقية والحكومة البريطانية ودلك لعجز شيخ الكويت وعدم مقدرته على دفع مثل هذا المبلغ ولكن في تلك الفترة ظهرت مطالبة الملك غازي بالكويت مما أدى إلى أن تتوقف عملية الترسيم على الطبيعة بسبب المشكلة الجديدة التي ظهرت.وضلت المشكلة هذه معلقه لفترة من الزمن.

الميناء العراقي بالكويت.

رأت الحكومة العراقية أن موقع الكويت البحري و الاستراتيجي قد منحها قوه اقتصادية مكنتها من منافسة العراق في المجال التجاري بل وصل الأمر بالحكومة العراقية بأنها كانت ترى الكويت هي الخطر الذي يهدد الاقتصاد العراقي .كما وان العراق كان يشعر دائما بالخطر الإيراني المتواجد في شط العرب خصوصا بعدان فشلت المفاوضات العراقية الإيرانية في عام 1938 . بل أن العراق اصبح يشعر بأنه في وضع استراتيجي سيئ نتيجة لفشل هذه المفاوضات خصوصا وان إيران كانت وما تزال تطل على شط العرب بل انه جزء من خط الحدود العراقية الإيرانية. لذا فان العراق كان لابد أن يجد ميناء بحري بديلا لميناء البصرة الواقع في منتصف شط العرب بل وان هدفها أن يكون هذا الميناء بعيدا عن مجال قصف النار الإيراني في حالة نشوء نزاع مسلح بين العراق وإيران وان يطل هذا الميناء الجديد على المياه المفتوحة للخليج مباشرة . وتولد بذلك الظهور العلني لفكرة إنشاء ميناء بحري على الخليج. بل أن هذه الفكرة وهي إنشاء الميناء العراقي لم تكن نتيجة فشل المباحثات ولكنها كانت موجودة سابقا لدى الحكومة العراقية فقد ذكرت الوثيقة البريطانية المؤرخة 30/3/1938 رقم(F.O.371/20186)بان السفير البريطاني في بغداد إلى قد بعث برسالة إلى وزير الخارجية البريطاني بتاريخ 4/3/1936 أفاد فيها بان بعض أعضاء الحكومة العراقية يطالبون بضم الكويت وقد اخبره نوري السعيد بان البصرة لا تصلح لان تكون ميناء هام للعراق في المستقبل وانه يطالب بميناء على الخليج مباشرة ويقترح السفير برسالته هذه ضرورة الوصول إلى اتفاقية مع الكويت من شانها أن تصل بالتجارة العراقية إلى الخليج .

كما تشير هذه الوثيقة أيضا بان توفيق السويدي وزير الخارجية العراقي قد قابل السفير البريطاني وسأله عن مدى إمكانية السماح للعراق بإقامة ميناء بالأراضي الكويتية على الخليج على أن يدفع العراق تكاليف المشروع وكذلك التعويضات التي تطلبها الكويت مقابل هذه التسهيلات كما أن هذا المشروع سوف يوضع تحت أشراف الكويت وتقديم كافة التسهيلات لها في الميناء ومنحها حق استعماله مع السكك الحديدية بدون رسوم وكذلك إقامة منطقه جمركيه حره.

برر توفيق السويدي هذا الطلب بسبب التوتر الدائم في العلاقات السياسي بين إيران والعراق والتهديد الإيراني للمصالح العراقية مما يتطلب أن يكون الميناء العراقي بعيد عن الضرر الذي من الممكن أن يصيبه في حالة نشوب نزاع مسلح بين الطرفين وان انسب مكان يؤدي هذا الغرض هو الكويت كما أن البرلمان العراقي أيد هذه الفكرة ورحب بها .لكن المدير العام البريطاني لميناء البصرة وسكك الحديد العراقية الكولونيل ووردWARD اعترض على هذا الاقتراح و أوصى بان تكون الفاو هي المكان المناسب لاقامة الميناء المقترح حيث توقع أن تجني العراق أرباحا طائلة من مشروع ميناء الفاو هذا. كما طلب من السفير البريطاني أن يبذل مساعيه لإقناع الحكومة العراقية بهذا الاقتراح وان يبعدهم بقدر المستطاع عن الأراضي الكويتية.

قام توفيق السويدي وزير الخارجية العراقي بزيارة إلى لندن في صيف عام 1938واجتمع مع اللورد هاليفاكس HALIFAX وزير الخارجية البريطاني حيث أبدى السويدي الرغبة العراقية الملحة بميناء بحري يطل على الخليج وان هذا الميناء يحتاج إلى قسم كبير من جزيرتي وربه وبوبيان. الا ان المسئولين البريطانيين أوضحوا بان هذا الأمر بيد أمير الكويت وهو صاحب السلطة في أن يوافق على هذا الطلب أو أن يرفضه فطلب السويدي من البريطانيين التدخل عند أمير الكويت (كا ابن عم للعراقيين) لحل هذه المسئله وألا فأن حلها بسيط وسهل للغاية. واستفسر عن تبعية هذه الجزيرتين بقوله “من قال أن وربه وبوبيان أراضي كويتية؟ فإذا كانت الجزيرتان ملك للكويت حسب ما تدعون فان الحكومة العراقية بحاجة شديدة لهذه الجزيرتان ومهمتان لها من الناحية الاستراتيجية كما أنها(أي الحكومة العراقية) سوف تقوم بتعويض الكويت بأراضي ونخيل في داخل العراق بدلا عن تلك الجزيرتين.

على الرغم من أن الحكومة البريطانية كانت ترى أن هذا المشروع جيد ونافع للبلدين من الناحية الاقتصادية ألا أنها من الناحية السياسي كانت تخشى من امتداد النفوذ العراقي في الكويت وما قد يترتب على ذلك من خطورة على الوضع السياسي فيها ولذلك فان الحكومة البريطانية أبدت معارضتها لهذا المشروع وإفشاله بكل السبل .فما كان من العراق ألا أن يرد بطريقه يحقق فيها بعض المكاسب السياسي ويعوض فيها عن الخسائر الاقتصادية التي خسرها نتيجة لهذا الرفض .فما كان منه ألا أن لجاء إلى أسلوب التهديد بضم الكويت باستخدام القوه العسكرية.وتأكيدا لقوة التهديد هذا وجديته فقد استدعي وزير الخارجية توفيق السويدي السفير البريطاني في بغداد واطلعه على المادة الأولى من الاتفاقية البريطانية التركية لعام1913 والتي تشير إلى أن الكويت قضاء عثماني . فأوضح السفير بان العراق يتجاهل معاهدة لوزان عام 1923 التي وقعت بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى والتي تنازلت فيها تركيا بمقتضى المادة (16) من هذه الاتفاقية عن كل حقوق لها في الكويت والخليج وان أمر المطالبة بوراثة الدولة العثمانية من قبل أي دوله أخرى أمر لاغي وعديم الجدوى فمن وجهة نظر القانون الدولي تعتبر الكويت مستقلة ابتداء من 6/8/1924 وهو تاريخ التصديق على معاهدة لوزان من القبل الدول الموقعة عليها.

المطامع العراقية

هذه المطالبة والإصرار عليها أكدت للبريطانيين بما لا يدع مجالا للشك بأن العراق لديه معلومات عن الاكتشافات البريطانية السرية للبترول وبكميات تجاريه كبيره في الكويت وان العراق حصل على معلومات سريه خاصة بالحكومة البريطانية كان يجب أن لا يحصل عليها وقد تأكدت هذه المعلومات عندما أشارت جريدة {الناس البصرية} تلميحا إلى هذا الموضوع في مقال بعنوان ((البحث عن النفط)) في عددها الصادر 19/12/1935 حسب ما تشير إليه الوثيقة رقم . وقد F.O.19967حاول العراق الاستفادة من هذه المعلومات والابتزاز من الحكومة البريطانية. ذلك بأنه طلب طلبا مخالفا لاتفاقية 1899 وذلك أن يكون الاتصال مباشر ودون تدخل الحكومة البريطانية بين الحكومة العراقية و الشيخ احمد الجابر لحل القضايا العالقة بينهما وخصوصا موضوع إنشاء الميناء البحري ولكن بريطانيا رفضت ذلك وأصرت أن يكون الاتصال عن طريقها فقط.ولذلك فان بريطانيا حسما لهذا الموضوع وغيره من المواضيع الشائكة بين الكويت والعراق فأنها أصرت على قفل هذا الباب وبصوره نهائيا وبطريقه متأكدة من أن العراق سوف يرفضها رفضا قاطعا.لذا فأنها أخبرت الحكومة العراقية في ما معناه إذا كان الميناء البحري مهم وحيوي لها وأرادته أن يكون في الكويت فأنه لابد في مثل هذه الحالة من أن يتنازل العراق فورا عن كل إدعاء في أن الكويت جزء من العراق لان أيضا الكويت عندها موضوع تثبيت الحدود مهم جدا وحيوي لها وألا فأن مشروع الميناء هذا يمكن تأجيله ولن يتم تنفيذه ألا بعد أن يتم ترسيم الحدود .ثم استمرت الحكومة البريطانية في ضغوطها وبذل جهودها لتثبيت الحدود على الطبيعة ووافقت جميع الأطراف على تثبيت الحدود بين الكويت والعراق ولكن قيام الحرب العالمية الثانية حال دون إتمام هذه العملية كما أن العراق زادت العملية تعقيدا عندما أعلنت الحرب على بريطانيا في عام 1941 وبقيت الحدود غير مرسمه خلال فترة الحرب وتوقفت جميع الاتصالات السياسة الخاصة بالحدود إلى أن انتهت الحرب العالمية الثانية .

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بأكثر من خمس سنوات وبعد أن تولى الشيخ عبد الله السالم الصباح مقاليد الحكم في الكويت فانه طلب من بريطانيا أن تنهي مشكلة الحدود مع العراق وفعلا وافقت بريطانيا على ذلك ففي يوم 18/12/1951 طلبت بريطانيا رسميا من العراق أن يحدد الحدود بموجب اتفاقية 1932 ولكن العراق أجاب على الطلب البريطاني بتاريخ 26/5/1952 بأنه إذا كانت الحكومة البريطانية تريد حل مشكلة الحدود فانه يجب عليها أن تضغط على الكويت لكي تتنازل عن جزيرة وربه قبل الشروع في تخطيط الحدود حتى يتسنى للعراق من إقامة ميناء بحري على الخليج وألا فان العراق لا يمكن البت في موضوع الحدود دون يكون للعراق ميناء في هاتين الجزيرتين.ورفض هذا الطلب من قبل الشيخ عبد الله السالم وقال انه لن يستطيع أن يفرط في التراب الكويتي وأنها مسئوليه سوف يحاسبه عليها التاريخ.

كما أثير هذا الموضوع مرة ثانيه في عام 1954 عندما بحثت العراق مع بريطانيا والكويت مقترحات بشأن تزويد الكويت بالمياه العذبة من شط العرب كرر العراق مطالبة بالتنازل عن جريرتي وربه وبوبيان بالإضافة إلى شريط ساحلي يمتد مسافة أربعة كيلومتر بخور الصبية والى الجنوب من الحدود المدونة في اتفاقية 1932 وذلك لتطوير ميناء أم قصر

الحل الوسط البريطاني.

عندما رأت بريطانيا إصرار العراق على هذه المطالبة ورغبة الكويت في الحصول على المياه العذبة تقدمت بحل وسط اعتقدت بأنه يرضي الطرفين وهو تأجير الأماكن التي يطالب بها العراق مقابل مد مياه شط العرب لكن الشيخ عبد الله السالم رفض الأخذ بوجوب ربط تأجير الأرض بمد أنابيب المياه من شط العرب. ولكن توقفت هذه المباحثات بعد قيام ثورة 1958 والتي أطاحت بالنظام الملكي في العراق على يد عبد الكريم قاسم وقيام النظام الجمهوري بدلا منه .وعندما استقلت الكويت في عام 1961 أعلنت العراق عدم اعترافها في الكويت وطالبت بضمها إليها كا قضاء سليب وتعين أميرها الشيخ عبد الله السالم كا قائمقام للكويت . وعندما أطيح بحكم عبد الكريم قاسم في عام 1963 تم الاعتراف المتبادل بين الكويت والعراق وإقامة علاقات دبلوماسية بينهما ولكن العراق رفض مره أخرى الاعتراف بالحدود المبينة في اتفاق 1932 واقترح تعديل هذه الحدود عندما تشكلت لجنة تحديد الحدود الكويتية العراقية ويقوم هذا الاقتراح على مسح شامل وإعادة التحديد على أن تكون قرية صفوان ومنطقة الباطن هما النقطتان الأساسيتان آلتان تقوم عليهما مراكز إعادة المسح وان يتولى المسح العراق فقط ألا أن الكويت رفضت ذلك بشده وتوقفت عملية رسم الحدود ولم تتم ألا بعد التحرير من الاحتلال العراقي.

المطالبة بالضم

بداية المطالبة

عندما نشرح تاريخ المطالبة العراقية بالكويت لابد لنا من الاشارة هنا بكيفية بدء هذه المطالبة أول مره وعلى لسان من قيلت .

في عام 1933بعد قيام الملكية بالعراق تأسست الأحزاب العراقية ومن ظمنها حزب الإخاء الوطني الذي كان برأسة (ياسين الهاشمي ) السلجوقي الأصل الذي أول من احتفل بمناسبة عيد استقلال العراق حيث أقيم مهرجان خطابي في مدينة بغداد ألقى فيه(ياسين الهاشمي ) خطابا طالب فيه بالدعوة لقيام وحده اندماجية بين الكويت والعراق. على أن تكون هذه الوحدة هي النواة للوحدة العربية الكبرى مدغدغا بذلك مشاعر الشعوب العربية التي كانت تنشد الوحدة وجعلتها من أهم مطالبها. بينما كان الهاشمي حسب ما يعتقد كثير من الناس الذين عاشوا هذه الفترة يطلق بالون اختبار لمعرفة ردة الفعل عند الحكومة البريطانية وشيخ الكويت. كان من الطبيعي أن يكون رد الفعل هو الرفض والرفض التام من الشيخ وبريطانيا ولكل طرف من هذين الطرفين له أسبابه الخاصة في الرفض .ولكن الذي حصل بعد ذلك هو ألتأيد العلني لفكرة الوحدة العربية كا حلم عند العرب عامه وعند الشعبين العراقي والكويتي . ولكن نجزم القول بأن الشعب الكويتي لم يعرف المغزى والمرمي من وراء هذه الكلمة. فهذه الكلمة لم تبقى على معناها السامي لكنها وبكل أسف تحورت هذه الكلمة عند المسئولين العراقيين من كلمة وحده إلى كلمة ضم بعد أن تبين لهم من أن اقتراحهم هذا قد رفض من قبل شيخ الكويت والحكومة البريطانية على حدا سواء.

ثم جاء الملك غازي إلى عرش العراق وهو يحمل حقدا دفينا و ضغينة كبيره ضد البريطانيين مغلفه بغلاف القومية العربية حيث ابتدع واستخدم كل أسلوب يجد فيه للبريطانيين إزعاج وإقلاق .ومن هذه الأساليب هي المطالبة بالكويت حيث استبدل كلمة الوحدة بكلمة الضم وقد استبدلها لأسباب سياسية عديدة منها هو عدم التزام البريطانيين في تعهداتهم للأسرة الهاشمية وللشريف حسين شريف مكة في أن يكون ملك على العرب جميعهم لقاء مساعدة بريطانيا ضد الأتراك بل أنها طردته عن طريق ابن سعود من بلاده ونفته إلى الخارج وجاء حفيده غازي محاولا أن يجد وسيله يحقق بها أحلام أسرته ويزعج البريطانيين في نفس الوقت ولكن على كل حال ضلت هذه الكلمة مكروهة عند الكويتيين بل حتى أن أعضاء المجلس التاسيسي الذين وصفوا بأنهم متطرفين ويميلون مع العراق لم يطالب أي عضو منهم بالضم ولكن كانوا جميعا يطالبون بالوحدة بين القطرين العربيين وليس الضم كما حاول البعض إفهام الناس بان هؤلاء الأعضاء طالبوا بالضم وبأنهم طالبوا باستخدام القوه العسكرية لتحقيق ذلك .

الدعاية للضم

فمما لاشك فيه أن بعض أعضاء المجلس التأسيسي لعام 1938 وبسبب جهلهم بشروط اللعبة السياسية الجديدة عليهم فأنهم قد لعبوا دورا كبيرا أكبر من حجمهم عن غير قصد و بحسن نية لعدم إدراكهم بالنوايا العراقية المبيتة في المطالبة بالكويت .كما أن بعض مواقف حاكم الكويت آنذاك وتردده في اتخاذ القرار السياسي في الوقت المناسب قد أعطت هي أيضا بعض الحجج للعراق بهذه المطالبة فالأزمة التي نشئت بين الأعضاء والشيخ جعلت القوى الوطنية ترى في العراق سندا قويا لها خصوصا في الضغط على الشيخ في تحقيق مطالبهم لهذا نرى أن العراق استغل أيضا هذه الفرصة في تحقيق المكاسب التي يريد أن يحققها.من اجل ذلك انشأ العراق وبأوامر من الملك غازي إذاعة قصر الزهور – القصر الملكي الذي يسكنه الملك غازي – والهدف من إنشاء هذه الإذاعة هو تأليب الشعب الكويتي ضد حاكمه ووجدت الدعاية المغرضة ضد الكويت فرصة الانتشار عند بعض أعضاء المجلس المتشددين مثل السيد العضو عبد الله حمد الصقر وعبد الله الفلاح ومحمد البراك (الزعيم) الذين يقال عنهم ولا نملك الدليل على صحة هذا الكلام بأنهم يعتبرون من أهم الذين اتصلوا بالحكومة العراقية آنذاك وأنهم نددوا خلال اتصالهم بالزعماء العراقيين بالأوضاع السياسية الداخلية وسوء المعيشة وسوء الإدارة كما انهم اتصلوا بكبار الزعماء العراقيين مثل رشيد عالي الكيلاني الذي كان يشغل منصب رئيس الديوان الملكي وقد ورحب هؤلاء الزعماء بهذا الاتصال بل أن كثير منهم شجع الكويتيين على الخروج على الحاكم وقد حاول الملك غازي وبتطرف شديد بالمطالبة بضم الكويت أعلن أنها كانت جزء من العراق كما أن مدير الدعاية والنشر والإذاعة في العراق ((فائق السامرائي)) أعلن في بيان رسمي من إذاعة قصر الزهور يقول فيه (( بان الكويتيين يطالبون بالانضمام بسبب الجور الذي يقع عليهم من حاكمهم وان العراق لا يمكن أن يصم أذنيه عن من يستنجد به من أشقائه العرب كما أن العراق لم يقم بأي عمل ضد الكويت وإنما العراق يمتلك وسائل الأعلام ويذيع الأخبار التي ترد إليه من الكويت )).

لقد استغل العراق التمرد الذي حصل في الكويت فزاد من حملة الدعاية ضد الكويت والمطالبة بضمها أعلن ذلك عن طريق وسائل الأعلام المعروفة في ذلك الوقت وهي الصحف والإذاعة ولكن كان العراق يتنصل من هذه التصريحات عندما يواجهه بمعارضه من بريطانيا ولذلك كثير ما يعلن رئيس الوزراء العراقي بعدم وجود نية بضم الكويت وان وسائل الأعلام لا تمثل وجهة نظر العراق الرسمية.ففي يوم 21/2/1939 تقابل السفير البريطاني (السير بترسون) مع وزير الخارجية العراقي (ناجي شوكت) واثير موضوع الحملات الصحفية الخاصة بالكويت حيث ابلغ السفير البريطاني وزير خارجية العراق استياء بريطانيا الشديد من هذه الحملات ولكن الوزير العراقي ابلغ السفير باستياء الحكومة العراقية من حاكم الكويت ( الشيخ احمد الجابر ) بسبب رفضه حسب ما يدعي الوزير العراقي مشاركة الشعب في الحكم كما أن الشيخ مقصر في النفقات على الخدمات العامة للشعب الكويتي.واستمرت المشاكسات العراقية والتدخل في شئون الكويت الداخلية على هذا المنوال فتره من الزمن ووصلت إلى درجة كبيره من التعقيد وفقدان الثقة بين الطرفين إلى درجة أن نوري السعيد قد دفع مبالغ من المال لشراء وسائل الأعلام المصرية قبل الثورة المصرية لتأيد العراق في مطالبته في الكويت فقد دفع نوري السعيد مبلغ مائتان جنيه مصري لمدير وكالة الصحافة الشرقية وذلك لنشر الدعاية العراقية الخاصة في الكويت

استخدام القوه

.وتأزم الأمر واصبح اكبر من دعاية أو حربا إعلامية فقد أشارت الوثيقة البريطانية رقم F.O.371/19967 بتاريخ 10/1/1936بأن الحكومة البريطانية لديها معلومات بأن العراق ينوي استخدام القوه لاحتلال الكويت وان الحكومة البريطانية بالمقابل سوف تستخدم القوة العسكرية هي أيضا لطرد العراق من الكويت .ومع هذا التوجه باستخدام القوه العسكرية فان الحكومة البريطانية ظلت متمسكة بالمساعي الدبلوماسية ولم تتخلى عنها لحل النزاع والوصول إلى حل يرضي الجهات المعنية في هذا النزاع ولكن كانت في نفس الوقت متخوفة من تهور الملك غازي واندفاعه في المسئله الكويتية مما دعاها إلى أن تفرض رقابه صارمة على جميع المراسلات الشخصية للملك .فقد أشار نوري السعيد إلى ذلك بكل صراحة حيث قال أن الملك غازي اندفع اكثر من اللازم في المسئله الكويتية وانه لا يرى سببا يدعو الملك للتدخل في شئون الكويت بلا تعقل إلى درجة الانشغال بها كليا وترك شئون العراق مهملة.

كما تشير وثيقة بريطانية أخري بتاريخ 20/4/1939 رقم 23181/F.O.371 بان الملك غازي قد عقد العزم وصمم على غزو الكويت وانه اتصل بإحدى الليالي برئيس أركان الجيش يأمره باحتلال الكويت فما كان من رئيس الأركان إلا أن اتصل بنائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع في ذلك الوقت (ناجي شوكت) واخبره عن اتصال الملك به مباشرة دون إبلاغ الوزير المختص مما دعا وزير الدفاع بأن يتصل بالملك على الفور ويعتذر عن تنفيذ هذا الأمر لعدة أسباب تحول دون تنفيذ هذا الأمر منها أسباب دستوريه حيث أن هذه الأوامر يجب أن تعطى من قبل رئيس الوزراء شخصيا وليس الملك نفسه وان رئيس الوزراء نوري السعيد حاليا خارج العراق في زيارة رسميه إلى لندن وعندما يعود سوف يعرض عليه هذا الأمر كما أن الوزير حذر الملك من مغبة تحرك بريطانيا والسعودية وإيران الذين قد يتدخلون في هذه المسئله وانه ليس في مقدور العراق مواجهة هذه الدول منفردا .فاتصل وزير الدفاع برئيس الأركان ليبلغه بوقف هذا الأمر ولكن رئيس الأركان قال انه ليس في مقدوره عدم تنفيذ هذه الأوامر العسكرية خصوصا وأنها صادره من الملك نفسه الذي هو القائد الأعلى للجيش ولا أحد يستطيع إلغائها ألا الملك .وتم إبلاغ السفير البريطاني بذلك فتوجهه على الفور لمقابلة الملك بتاريخ 3/4/1939 وحذره من إي عمل عسكري طائش ضد الكويت وبالتالي قد يهدد المصالح البريطانية في الكويت والخليج ولكن الملك غازي عندما وجد بان التحذيرات البريطانية جديه تراجع عن قراره فأكد للسفير بعدم وجود أية نية لضم الكويت بالقوة العسكرية ولكن بعد خروج السفير من عند الملك اتصل الملك مرة أخري ولكن بمتصرف لواء البصرة وطلب منه أن يجمع قوات مسلحة من الشرطة المحلية ويغير على الجهره وانه سوف يلاقي التأييد من المعارضة الكويتية. ولكن هذا الأمر لم ينفذ فقد مات الملك غازي بعد 24 ساعة من مقابلة للسفير البريطاني حيث قتل في يوم الثلاثاء ليلا 4 /4/1939 وتوقفت هذه العملية العسكرية المقررة من الملك بموته.وانتهت هذه المحاولة بالفشل الكامل نتيجة لدور البريطاني الكبير الذي وقف بحزم ضد هذه المحاولة .

المطالبة بين عامي 1936-1939

كما بينا في السابق أن المطالبة العراقية بالكويت لم تكن جديده ولكنها تميزت خلال الفترة من عام 1936 – 1939 بكثرة المحاولات التي بذلت لضم الكويت ((ارجع إلى تاريخ اكتشاف البترول في الكويت)) فقد حاول رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد بضم الكويت كما انه لوح باستخدام القوه بضم الكويت كما حاول الملك غازي باستخدام نفس الأسلوب –كما تم ذكره سابقا – كذلك بالإضافة إلى كثير من الوزراء العراقيين الذين يحاولون جس نبض الحكومة البريطانية ومعرفة موقفها إزاء عملية الضم بين فترة وأخرى . ولكي تأخذ عملية الضم الصفة الشرعية من وجهة النظر العراقية فأنه استخدم الشباب الكويتي المعارض لشيخ الكويت كا وسيله يستند عليها العراق في ادعاءاته لذلك فقد شجعت الحكومة العراقية بعض الكويتيين الذين انضموا إلى حزب الشبيبة الكويتي أن يؤسسوا رابطه في البصرة أطلقوا عليها(رابطة عرب الخليج ) وكان من أهم أهداف هذه الرابطة الوحدة مع العراق كذلك مساعدة إمارات الخليج الأخرى . الغريب في هذا الأمر أن الحكومة العراقية لم تمنح تصريح رسمي لإنشاء هذه الرابطة أو الحزب وذلك خوفا من الدخول في مشاكل مع الحكومة البريطانية.لكن يجب أن نلاحظ أن هناك فرق بين أهداف هذه الرابطة والأهداف العراقية أهداف هده الرابطة هي الوحدة العربية الشاملة والتي تكون بدايتها مع العراق أما الأهداف العراقية والتي وضعها الملك غازي فهي الضم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.لقد كانت بريطانيا ترفض وبإصرار شديد أن تكون الكويت منضمة إلى العراق فقد رفضت بحث هذه المسئله مع وزير الخارجية العراقي (توفيق السويدي) أثناء زيارته لندن عام 1938بل انه أبلغ بان بريطانيا لن تقبل أبدا بمد السيادة العراقية على الكويت .أما الحقيقة الثابتة فتدل على أن الكويت ليس في مقدورها أن تجابه القوة العسكرية العراقية لوحدها دون المساعدة العسكرية الخارجية لذلك فأن الحكومة العراقية لم تتوقف عن المطالبة بالكويت ولم يمنعها من ذلك ألا خوفها من المواجهة العسكرية مع بريطانيا كما أن هناك نقطة أخري وهي التدخل السعودي وكذلك خشية العراق من المجابهة معها .

الدوافع العراقية

بصوره عامه هنا يمكننا أن نوجز الدوافع العراقية في الدعوة إلى ضم الكويت

1- رغبة العراق في إنشاء ميناء في الكويت ودلك لا أيجاد مخرج للتجارة العراقية عن طريق البحر المفتوح وليس شط العرب

2- الخطر الإيراني على خطوط المواصلات العراقية وذلك عن طريق ضرب المواني العراقية في وقت الحرب

3- رغبة العراق في توسيع رقعته الجغرافية عن طريق تبني مشروع الهلال الخصيب

4- موقع الكويت الجغرافي جعل الكويت منافسا قويا للعراق مما هدد التجارة الدولية للعراق التي أثرت بالتالي على الاقتصاد العراقي

5- اكتشاف البترول في الكويت وبكميات تجاريه أثار رغبه العراق في الاستيلاء عليه.

6- عدم وفاء الإنجليز بوعودهم التي قطعوها للشريف حسين شريف مكة كذلك تجربه الملك فيصل وطرده من سوريا جعلت من الملك غازي وهو القليل الخبرة سياسيا يدخل في معركة سياسية قاسيه يجد في دعوته لضم الكويت متنفس قويا يقلق به الإنجليز.

7- تأثر الشباب الكويتي بوجهة النظر العراقية مما أدى إلى قيام معارضه بالكويت تطالب بالوحدة مع العراق .

8 – تشجيع الساسة العراقيون للملك غازي في الاستمرار بدعوة الضم .

9 – الطابع العسكري لأغلب الحكومات العراقية خلال الفترة من عام 36-1941 أججت روح الحماس عند الملك غازي مما شجعته على إعلان دعوته بضم الكويت إلى العراق .

10 – فشل المجلس التشريعي بالكويت وهروب بعض أعضائه إلى العراق ومطالبة هؤلاء الأعضاء بالوحدة الفورية مع العراق .

11 – محاولة ألمانيا إحلال العراق محل السيطرة البريطانية في الكويت

وذلك قبيل الحرب العالمية الثانية

المحصلة النهائية.

بدراسة مبسطه للأسباب أو الدوافع التي جعلت العراق يقدم على المطالبة بالكويت يتضح لنا أن هناك العديد من الآراء المختلفة عن هذه الحركة التي قدمت عن المطالبة العراقية.

1 – العامل الاقتصادي كان هو العامل الرئيسي الذي كان يحرك هذه القضية

2- الوجود البريطاني كان عامل ردع للعراق من استخدام قوته العسكرية

3 – عدم أدراك البعد السياسي لقضية المجلس عند المعارضة الكويتية

4 – عدم الوعي بالظروف السياسية القائمة بالمنطقة عند الزعماء العراقيين

5 – أن المطالبة العراقية لم تكن وليدة عمليه مدروسة ومخطط لها ولها برنامج كامل بقدر ما كانت عملية ارتجاليه تأخذ الطابع الشخصي أحيانا.

6 – كثير ما تصطدم المصالح البريطانية مع المطالبة العراقية

لم تخرج عملية المطالبة العراقية في تاريخها منذ أن بدأت حتى اليوم عن العامل الرئيسي وهو العامل الاقتصادي الذي هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها المطالبة العراقية فلولا العامل الاقتصادي لما كانت هناك مطالبه عراقية ولا كانت هناك حماية بريطانية.ولولا هذا العامل المهم لما قامت إي مشكله في العالم منذ بدء الخليقة حتى يومنا هذا .